
السلام عليكم . .
عدت إليك مرة أخرى قبل أن ينقضي الكثير من الوقت ، وهذا مما يجب أن تعلمه ، إنني أكتب كثيرًا بعض الأحيان ، وأتوقف تمامًا عن الكتابة في أيام أخرى ، لكـن هذه الأيام الأخر لا تكون طويلة في الغالب ، فعود نفسك على هذا من البداية لكي لا تشكو مني بعد ذلك .
سنتحدث اليوم لبعض الوقت عن كتب " شجون مصرية " ل د. يوسف زيدان . .
في البداية ربما يكون موقفك من الدكتور هو الموقف المعتاد الذي نسمعه في كل وقت وحين ، ربما تكون هذه تهمة أو سبة ، تسألني ما هي التهمة ؟ أن تتابع يوسف زيدان هذه سبة وتهمة عند الأغلبية العامة ممن أعرفهم وهذا طبيعي في عصور الإنغلاق ولا أدري كيف يكون الحال في غير هذه العصور لكـن عمومًا هذا هو حال الشعب الدائم .
فدعني أوضح لك في البداية أن تعاملي مع الأشخاص مختلف ، مهما حدث ، ومهما كان الشخص فإني أستفيد منه بالقدر الممكن ، وأما مشكلاته ، أو الأشياء التي لم يوفق فيها فإني أتركها ولا مشكلة عندي في ذلك أبدًا ، بعض الناس قد يشنعون علينا بأنه من أنت حتى تقرر الخبيث من الطيب ، لقد شرب أبو حامد الفلسفة ولكنه لم يستطع أن يتلفظها فلمثل هذا نقول بغض النظر عن كلامه الخاطيء فإنه لا يعدم خير عن خبيث ، ولا يعدم نفع عند أحقر الناس ، وحتى لو افترضنا أن الشخص ربما يكون شيطانًا محضًا فنكون قد عرفنا الشياطين من غيرهم .
وكما قلت فإني لا أهدم الشخص بالكلية ، وكذا لا أمدح الشخص بالكلية ، فستجدني دائمًا أقول لك أعرف من هذا كذا ، ولا تأخذ منه كذا قبل أن تدرس كذا لتستطيع أن تحكم رأيك ، وهكذا . .
إن لم تستطع أن تتأقلم مع هذه القاعدة فلاعليك كما أخبرتك ، فقط اترك الأمر ولا تنكر علينا ، ولا تضيع وقتنا ووقتك إن استطعت أن تطبق هذه النظرية معي فتأخذ مني ما يعجبك وتترك ما لا يعجبك وهي نصيحتي السابقة لك :D
فافعل وإن لم تستطع فارحل لا مشكلة في ذلك أبدًا .
الكتاب عبارة عن مجموعة من المقالات المتفرقات ولكنها منظومة في سياق واحد أو يقترب من ان يكون ذلك وإن شذت بعض المقالات ، وأنا لا أحب فكرة تجميع المقالات لكاتب وضمها كلها في كتاب وأرى أن هذا يخالف مفهومنا عن الكتاب أصلًا ولكني أقدره جدًا إن كان مهمًا ومفيدًا لتلك الدرجة التي تجعل منه يستحق أن ينظم في كتاب .
الكتاب عبارة عن 7 فصول إضافة إلى المدخل وسأحاول تلخيص بعض ما ورد في الكتاب . .
* يفرق الكاتب في البداية بين الشجن والشجون ويتحدث عن واقعة " الحديث ذو شجون " .
وفي هذا الفصل تتضح سمة أساسية من سمات كتابة وأسلوب زيدان وهو التدقيق في اللفظ والغوص وراء المعنى ، وهو ما يتجلى كذلك في كتابه " التقاط الألماس من كلام الناس " وهو كذلك الظاهر من كلامه في عام بناء المفاهيم والذي قد سمعت بأنه ثمة كتاب ملحق بهذه السلسلة عن إعادة بناء المفاهيم ، فستجده يدقق هاهنا في الفرق بين الشجون والأشجان ، وستجده يفرق بين بعض الشتائم والمديح الذي يتحدث به المصريون على غير ما هو عليه في اللغة وغير ذلك .
* يعلمنا أن مصر ليست هبة النيل ولا هبة أحد . .
وهذه سمة أخرى من سماته وهي البحث والتنقيب في المقولات والأحكام التي نقولها ونؤمن بها أو يؤمن بها عوام الشعب وهي غير صحيحة ولا أصل لها .
اقتباس " معظم أمور مصر ، وأغلب أحوال أهلها محير " .
* يعلمنا أن حالة الإتكالية التي نعيشها بالحديث عن اصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب ، وربك هيسترها، وغير ذلك من الكلمات التي تعلمك الإتكالية وإن كان معناها قد يكتسب بعض الجد وهنا قبل أن تشنع على الرجل عليك أن تعلم أن إدراك الخفي من الأمور يقتضي بالضرورة إدراك الظاهر .
* مصر 7 الآف سنة حضارة . . يكمل في نفس السياق ليعلمك أن هذه المقولة تجعلك تظن أن مصر طوال هذه القرون كانت تصنع الحضارة وهذا غير صحيح على الإطلاق .
اقتباس " الدين نص لا ينطق بذاته إنما ينطق به الناس ويضعون له منطقًا خاصًا بهم يناسب ثقافتهم الموروثة واتجاهاتهم العامة ، وأحوالهم الجدارية ومصالحهم اليومية . "
* سمة أساسية من سمات المصريين هي السبهللة .
* المصريون شغوفين بأفعل التفضيل .
* الحل للخروج من الأزمة . . العمل الجاد في الإطار الثقافي ، ضبط اللغة العربية ولغة الشارع ، إصلاح التعليم .
* تحول الأيام والموت أصدق شيء في الحياة " وهذا مدخلنا لمقالنا عن فيلم " والربيع مرة أخرى " .
* التريندات تلبي حاجة المصريين إلى الهياج .
* أهمية الفضائل والقيم في ثبات المجتمع ويرجع في هذا لكتاب الثقة .
* وزارة المعارف تحولت إلى وزارة التربية والتعليم وهذه من الشناعات التي حلت بهذا البلد .
* مقال السبهللة : عظيم جدًا ويحال إليه في وصف المصريين .
اقتباس " إن الذي يتعلق بالدين هو الإيمان ، بينما التدين يرتبط بماهر التعبير ، فالأول إخلاص والآخر شكلي ، الاول لب والآخر قشر ، وقد صرنا 100% قشريين ، شكليين ، متعبدين بغير إيمان ، وشتان بين قلب مفعم بالإيمان واليقين ولسان زاعق بما هو غير مبين . "
* مقال المدح والذم : عظيم جدًا ويحال عليه في إهمال اللغة .
* التمهيد لفصل الدين والتدين عظيم جدًا .
* فصل القيم هو من أثقل ما قرأت في الكتاب لم يعجبني صراحة ، ثقله ثقل نفسي لا ثقل لأنه صعب أو غير ذلك .
* فصل الرموز المعاصرة : عظيم جدًا بشكل لا يمكن تصوره ، يجمع بين كل المفكرين الموت ، وفي الحياة يجب أن نستفيد نحن من الجميع ، يحال على المقالات مرة ومرات .
اقتباس " كل الأحبة يرتحلون . . فترحل عن العين شيئًا فشيئًا ألفة هذا الوطن "
* فصل رفاعة الطهطاوي من أجل ما قرأت ،وإن كانت وجهة نظر شيخنا مختلفة عن هذا ولكـنها وجهة نظر عظيمة وتستحق الدراسة أيضًا .
* وأخيرًا فصل الثورة الثقافية أو أستطيع القول " الحلم الثقافي " فصل جميل ولكنه كالعادة يعلمنا أنه لا شيء يتغير للأفضل ، كل الأمور تتجه نحو الأسوأ .
في النهاية الكتاب جيد جدًا في موضوعه وإن اختلفت مع الكاتب في أمور عدة أهمها الهجوم الشنيع غير المبرر في بعض الأحيان ، وكذلك الإطلاقات والتعميمات وبعض التلميحات المجحفة ، فيما عدا ذلك ف الكتاب في مجمله جيد .
تقييم الكتاب : ***
وأنت هل قرأت الكتاب وما رأيك فيه ؟ ؟
إرسال تعليق