زمان كنا بنقول للناس متقعدوش تاكلوا قدام التلفزيون علشـان القعدة المسالمة اللطيفة دي اللي نصها هتدور على شيء تتفرج عليه ، وبعدين تقعد تتفرج على الشيء ده وأنت بتاكل لدرجة إنك هتنسي أصلاً إنك بتاكل ، وبدل ما كان الأكل هياخد ربع ساعة ممكن ياخد نص ساعة ساعة وساعتين كمان على ما تشرب الشاي وغيره ، وكانت الكلمة المفضلة لينا هخلص أكل وأقوم أذاكر .
زمان كانت السمنة لا تصنف على إنها مرض مستقل ، إنما كانت بتصنف إنها لو زادت عن حدها تديني أمراض كتير تانية على عكس الوضع الحالي من الثقافة الاستهلاكية الشديدة واللي الإنسان فيها متلقي صامت بس السمنة وزيادة الوزن بقت مرض مزمن في حد ذاتها بغض النظر عن الأمراض المترتبة عليها .
ده زمان ، أيام ما كانت القنوات محدودة مهما كترت ، وفي وجود قدر كبير من الإعلانات الإنسان نفسه بيزهق لكـن حالياً في أكل قدام اللاب توب ، ولو فاكر إنه الأمر هيقتصر على ده عملنالك شاشات سمارت تشغل عليها اليوتيوب براحتك علشان الإعلانات بتاع التلفزيون متزعجكش وكل ده بيصب في مصلحة تضييع الوقت في كل تفصيلة وبالتالي هتلاقي نفسك بتقول د أنا يادوب أروح أكل وأنام علشان مفيش وقت مع إن الوقت موجود بس أنت اللي اخترت تضيعه في مليون طريق .
الأزمة إنه مع الفيضان المعلوماتي المستمر ، وقصف العقول الدايم ده وإن كان الشخص كمان اهتماماته متنوعة بتلاقي إنه بيبذل جهد كبير علشان ياخد مبادئ الشيء فقط وبعدين يرميه وهنا بيبقى ثري بمعلومات مش مرتبطة ليس لها قيمة .
الأمر مرتبط مباشرة بـ " switching cost of mind "
يعني حاليًا صعب جدًا على الإنسان العادي اللي عنده فيس بوك إنه يذاكر بشكل جاد ، أو إنه يقرأ بشكل جاد ؛ لإن إحنا حاليًا في مشكلة أكبر وهي عدم قدرة الإنسان على إنه يكون بعيد عن السوشيال ميديا لمدة النص ساعة أو الساعة اللي هيقرأ فيها كتاب .
مرة كنت بتكلم مع شخص بيقرأ بس عاوز يحسن قدرته على القراءة فسألته أنت بتقرأ كام صفحة تقريباً في الساعة لو رواية ، وكام لو كتاب علمي ، وكام لو كتاب في فن قرات فيه قبل كده ، وكام لو كتاب تنمية ذاتية ؟
وكان كلامه إنه عمره ما عرف يحسب الكلام ده فأقنعته يحسبه وسبته وبعد فترة بكلمه قالي أنا اكتشفت إني مش قادر أقعد أصلاً ساعة كاملة بدون ما أبص على الفيس بوك وبدون ما أرد على الواتس ، وبالتالي مشكلتي دلوقتي أكبر إني اكتشفت إني مدمن للشيء ده ومش قادر أتوقف عنه !
وبالتالي أنت هتلاحظ إن الإنسان اللي بيذاكر ياريته بيذاكر ساعة ويقعد على الفيس بوك نص ساعة ولا حتى ساعة إنما هو بيذاكر وهو فاتح الفيس أصلاً ، بيقرأ في كتاب والماسنجر جمبه ، وقد يكون الشخص بيعمل multi-tasks عادي معنديش مشكلة بس حتى الناس اللي بيعرفوا يعملوا ده بيضيع جزء من جهدهم في التبديل ده وطبعًا مبيكونوش كلهم بنفس الكفاءة . .
ده من ضمن ما جنته السوشيال ميديا على القراءة ، والقراء عموماً ، وإن كانت الآثار السيئة مازالت أكثر بكثير من الكلام ده .
ملخص الموضوع : الضرورة تقتضي تعويد نفسك على ترك عبودية السوشيال الميديا ومحاولة التقليل منها والزيادة في القراءة وتطوير الذات .
إرسال تعليق